من الخارج، قد يبدو الطفل المصاب بالتوحد عالي الأداء مثل أي طفل آخر. لكن في الحقيقة، هناك تحديات خفية يواجهها في التعامل مع الآخرين وفهم المواقف الاجتماعية، مما يجعله هدفًا سهلاً للتنمر والتمييز، خاصة في المدرسة.
لهذا السبب، دائمًا ما يكون قلق الآهالي الأكبر هو: كيف نحمي أطفالنا من التنمر؟ وكيف نعلمهم المهارات التي تمكنهم من مواجهة هذه المواقف الصعبة؟
لماذا يُستهدف أطفال التوحد بالتنمر كثيرًا؟
ببساطة، لأنهم يجدون صعوبة في فهم النكات، أو الإشارات غير المباشرة، أو حتى لغة الجسد. رغم أن الكثير منهم أذكياء، إلا أن اختلافهم في التعبير أو التفاعل يجعلهم تحت مجهر السخرية والعزلة.
وفي دراسة صادمة أجراها أطباء متخصصون، وُجد أن التنمر - خاصة اللفظي والعاطفي والإلكتروني - منتشر بكثرة بين هؤلاء الأطفال، رغم أن آثاره قد تدوم طويلاً بعد انتهاء الموقف نفسه.
قصص واقعية تؤلم القلب:
تتذكر إحدى الطبيبات قصة طفل في الثامنة من عمره كان زملاؤه يقدمون له شطيرة من "التراب والخبز" كنوع من السخرية، وكان هو يظن ذلك لطفًا منهم فيشكرهم! هذه إحدى الأمثلة الصادمة على كيف قد لا يستطيع الطفل تمييز التنمر.
وفي أحيان أخرى، قد يتصرف الطفل بطريقة غير مقصودة تزعج الآخرين - لأنه ببساطة لا يعرف كيف يعبر عما بداخله - فيصبح ضحية للنبذ أو الاستهزاء.
آثار التنمر ليست بسيطة:
التنمر قد يخلف ندوبًا نفسية عميقة، مثل:
- تراجع الثقة بالنفس والحالة المزاجية.
- اضطرابات في النوم والأكل.
- انخفاض المستوى الدراسي أو رفض الذهاب إلى المدرسة.
- انطوائية وعزلة اجتماعية.
- نوبات غضب غير مبررة.
كيف نحمي أطفالنا؟
1- الدعم النفسي أولاً:
أخبر طفلك أن ما يحدث ليس خطأه. علمه أن يقول بثقة: "كفى"، "هذا يؤلمني"، أو "أريد أن أترك وحدي".
وساعده أن يفخر بنفسه بعبارات مثل: "عقلي يعمل بطريقة رائعة ومختلفة" أو "أنا أتعلم بطريقتي الخاصة".
2- لا تتردد في التدخل:
إذا استمر التنمر، تواصل مع المدرسة فورًا واطلب خطة حماية لطفلك.
يمكن أن تشمل:
- توعية المدرسين والطلاب على حدٍ سواء حول التوحد.
- تشجيع زملائه على دعمه والوقوف بجانبه.
4- استخدم خطة التعليم الفردي (IEP):
يمكن أن تتضمن الخطة:
- تدريبه على كيفية الرد على المتنمرين.
- السماح له بمغادرة الفصل قبل الآخرين لتجنب الازدحام.
- مراقبة سلوكيات التنمر في الفسح والملاعب.
- استخدام القصص لفهم المواقف الصعبة.
واعلم أن لطفلك حقوق:
إذا لم تتحرك المدرسة، يمكنك التذكير بحق طفلك في بيئة آمنة، وأن التنمر يعتبر انتهاكًا صريحًا لهذا الحق – خاصة إذا كان لديه خطة تعليم فردية.
خلاصة القول:
التنمر على أطفال التوحد ليس شجارًا عاديًّا بين أطفال، بل هو إيذاء حقيقي يهدد سلامتهم النفسية ونموهم. لكن بدعمنا كعائلة، ومدرسة، ومجتمع، يمكننا أن نمنحهم بيئة آمنة يحظون فيها بالحب، الفهم، والاحترام الذي يستحقونه.